الذكاء الاصطناعي يلامس الإحساس البشري في فيلم ”أليتا ملاك الموقعة“



يعطينا فيلم الخيال العلمي والحركة الأمريكي ”آليتا: ملاك الموقعة“ (Alita: Battle Angel) لمحة عن مستقبل البشرية في أعقاب قرون من هذه اللحظة، في وجود تقدم لم يحدث من قبل لتقنيات الذكاء الاصطناعي وتطور التعلم العميق للآلات، ووصولها لمراحل تلامس الإحساس البشري.

وفي المستقبل البعيد يعثر العالم الغامض الدكتور إيدو على آليتا على الإنسان الآلي الشبيه بالبشر، ضمن نفايات فترة في تاريخ البشرية سادتها الحروب واليأس، ويعيد تجميعها ليكشف تكرار الأحداث أنها ماكينة قتل متنقلة ومحترفة.

ومع رجوع آليتا للحياة، تبحث في فجوات ذاكرتها المشوهة عن تاريخها، والمقصد من تصنيعها، في صراع وجودي، يشابه بحث الإنس عن ذواتهم الخلاقة.

كيف تختار أكاديمية أوسكار الرابحين بجوائزها؟‎
التحديث.. أبرز ملامح فيلم الغموض والرعب الأمريكي ”Velvet Buzzsaw“
ومع تكشف الحلقات المفقودة من ذاكرة آليتا، ينبهر الدكتور إيدو بإمكانياتها، وهي الكائن الخالد، الذي يقهر الوفاة، لتعود لطبيعتها المتعطشة للقتل. وبالتوازي مع الصراعات الخارجية، تقطن آليتا صراعها الداخلي، لتحدد مجرى حياتها، بين الخير والشر، وتختار بإرادتها الحرة أن تكون ملاكًا للرحمة أو واحدة من شياطين الوفاة، في الشوارع الغادرة للمدينة المستقبلية.
ويقدم الفيلم لمحات مكثفة من التشويق والإثارة والمغامرات، إلى منحى انخراط آليتا بمشاعرها الداخلية؛ بحثًا عن العاطفية التي يتصف بها الإنس، والفيلم مقتبس من المانغا اليابانية ”جونم ليوكيتو كيسيرو“ وهو من إصدار مشترك بين أميركا وكندا والأرجنتين، وباللغتين الإنجليزية والإسبانية، وصُوِّرت مشاهده في الولايات المتحدة الامريكية.

والعمل من إخراج روبرت رودريجز، وتأليف جيمس كاميرون ولاتيا كالوجريدز، وساهم في بطولته روزا سالازار، وإيزا جونزاليز، وجنيفر كونيلي، وإد سكرين، وميشيل رودريجيز، وكريستوف والتز، وكاسبر فان دين، وإيل لامونت، وجورجي ليندبورج جونيور.

وبلغت تكلفة إصدار الفيلم إلى 200 مليون دولار، وحقق منذ إطلاقه منتصف شباط/شهر فبراير الحالي في صالات السينما الدولية، إيرادات بلغت إلى 52 مليون دولار.

التعلم العميق للآلات

ولا يتشارك جميع الإنس النظرة الحالمة ذاتها لمستقبل الذكاء الاصطناعي، إذ بدأت عند الناس خلال الفترة الأخيرة مخاوف من مستقبل التعلم العميق للآلات وتطويرها لتقنيات التعلم الذاتي، وقدرات الذكاء الاصطناعي التي قد تصل  مستقبلًا إلى فترات أكثر تقدمًا من أي شيء نعرفه اليوم.

خوارزميات متطورة جدًا، يدفعنا حدسنا البشري إلى أخذ الانتباه من وقوعها في الأيدي الخاطئة، أو من تمكنها على نحو ذاتي من إحكام القبضة على حكومات العالم وجيوشه، ولطالما كانت فرصة تحديث الذكاء الاصطناعي لآليات تفكير خاصة للوصول إلى فترات متقدمة تلامس الإحساس البشري، مثار جدل في صفوف العلماء والفلاسفة وعدها كثيرون ضربًا من شطحات الخيال العلمي لنصل في أيامنا الحالية إلى إرهاصات أولى لذلك السياق الحديث للآلات.

ومما يبث الزعر عند الإنس، وصول الذكاء الاصطناعي إلى إمكانيات ليس لها مثيل في السابق من الهيمنة والاحتيال بالمجتمعات، وبلوغه معدلات عالية من الرصد، قادرة على إدارة مجالات المعارك بأسلحة فتاكة مستقلة ومنها الطائرات العسكرية دون ربان.

ويتطلب التعلم العميق للآلات بنية معقدة تحاكي الشبكات العصبونية للدماغ البشري، من أجل إستيعاب الأنماط، حتى مع وجود ضجيج، وتفاصيل مفقودة، وغيرها من مصادر التشويش، ويحتاج التعليم العميق للآلات، اعداد هائلة من المعلومات وقدرات حسابية عظيمة، تمدد إمكانيات الذكاء الاصطناعي للوصول إلى التفكير المنطقي، ويكمن هذا في البرنامج نفسه؛ فهو يشبه عديدًا ذهن طفل ضئيل غير مكتمل، ولكن مرونته لا حواجز لها.

مبادرات لتطوير شعبية حفل الأوسكار ونجوم في هوليوود يعترضون
فيلم ”سينونمس“ يفوز بجائزة الدب الذهبي في مهرجان برلين السينمائي
تفاؤل

لكن بعض متخصصون الذكاء الاصطناعي لا يشاهدون مسوغًا لهذه المخاوف، معبرين عن تفاؤلهم بمستقبل يأخذ فيه الذكاء الاصطناعي المتقدم حيزًا هامًا من ترتيب حياة الإنس وإدارتها على نحو أفضل منا، مؤكدين على أن المخاوف من شأنها أن تكون الخطر الحقيقي بذاتها، فهي تعرقل تغيير قدرات الذكاء الاصطناعي اللا مقيدة إلى حقيقة تخدم البشرية.

وبصرف النظر عن المستقبل الواعد للذكاء الاصطناعي المتقدم، سوى أنه يَبقى مقرونًا بجملة من الإشكاليات والأسئلة الأخلاقية، وربما لا نعرف جميع الأسئلة التي يلزم الإجابة عنها حتى هذه اللحظة.

تعليقات